الانتحار في العالم
يُهدّّد الانتحار كل شعوب العالم ولكن بدرجات تختلفُ حسب الدول الجهات والظروف والأزمنة
ومقابل كل شخص يمُوت مُنتحرًا، هنالك عدد كبير ممن يُحاولون الانتحار وحول هؤلاء جميعًا، عائلات واقرباء واصدقاء يُصابُون بصدمات وآثار لا تقدر.
ا لانتحار مُشكلة صحيّة عُمومية
حسب منظمة الصحة العالمية، فان أغلبية الانتحارات يُمكن تجنبها وان نسبة الانتحار وان كانت تمِيل الى الارتفاع ( لعدة اسباب اهمها تمدد سن الشيخوخة ) فانها مُرتبطة بوجود ونجاعة سيايات الوقاية
فنسبة الانتحار شبه مُستقرة في عديد الدول المتقدمة التي تُوفر إحصائيات تُخول رصد تطور الانتحار وتوزيعه على ثلاثة عقود ( 39 دولة
الانتحار داخل المنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية
ان معدل نسبة الانتحار داخل المنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 13.9 اقل من المعدل العالمي
وهذا المعدل يعرف تراجعا منذ عشرين سنة
ويتراجع الانتحار في جل الدول المتقدمة والذي كان بعضها يعرف بعض اهم نسب الانتحار في العالم ( الدنمارك وفنلندا والنمسا وسويسرا والسويد ) او نسب هامة ( فرنسا وألمانيا بلجيكا ) ولم تكد ترتفع نسبة الانتحار الا في اليابان وايسلندا وإضافة الي الدول التي انخفضت نسب الانتحار لديها بعد ان كانت مُرتفعة بشكل كبير، فان بعض الدول استطاعت خفض نسب كانت مُتوسطة مثل كندا ( من 14 الى 11.7 ) او المملكة المتحدة ( من 8.8 الى 7.5 ) وهولاندا ( من 10.1 الى 9.4 .
· توجد حاليا أعلى نسبة انتحار بالمجر ( 28 ) ولكن هذا الترتيب السيئ لا يجب ان يخفي ان المجر هي الدولة الوحيدة التي استطاعت خفض نسبة الانتحار لديها بما يقارب النصف ( كانت 44.9 سنة 1980 ) وذلك بخلاف عديد الدول التي عرفت، في نفس المدة، تزايد كبيرًا في نسب الانتحار لديها مثل تشيكيا ( من 0.7 الى 15.9 ) وأسبانيا من 4.4 الى 8.4 ) وايرلندا ( من 6.3 الى 12.2 ) والمكسيك ( من 1.4 الى 3.8 .
· تشكل اليونان والمكسيك والبرتغال وإيطاليا والمملكة المتحدة وحتى إسبانيا حالات استثنائية من حيث « ضعف » نسب الانتحار لديها اذ هي على التوالي 3.6 و 3.8 و5.1 و 7.1 و7.5 و8.4 .
· تحتل الولايات المتحدة الأمريكية ( رغم أنها تتميز بوفرة السلاح الفردي وبكثرة استهلاك المخدرات...) المرتبة 22 بنسبة 10.4 وهذه النسبة المتوسطة في انخفاض
· تشكل ألمانيا حالة خاصة ليس فقط لأنها صاحبة نسبة انتحار اقل من معدل المنظمة واقل من كل جاراتها ( فرنسا وبلجيكا ولكسمبورغ وتشيكيا وبولونيا والنمسا وهولاندا وسويسرا.. ) بل لانها ابتلعت ألمانيا الشرقية دون ان تعرف تزايدا في نسب الانتحار لديها بل بالعكس فان نسبة الانتحار لديها انخفضت من 17.5 ( 1980 ) الى 13.5 .
· تشكل اليابان اول دولة مُصنعة من حيث نسبة الانتحار لديها ( 25.5 )
. توزيع نسب الانتحار في العالم
تتوزع دول العالم ، حسب منظمة الصحة العالمية، فيما يتعلق بنسبة الانتحار لديها عن كل 100.000 ساكن [1] الى اربع مجموعات هي :
· مجموعة الدول التي لا توفر معلومات عن نسب الانتحار لديها وتضم الاغلبية الساحقة من الدول العربية[2] والأفريقية وعدد من الدول الآسوية ومن بينها عدد من الدول الهامة عدديا ( مثل اندونيسا والباكستان ونيجيريا! ) او اقتصاديا ( جنوب افريقيا )
· دون 6.5 : وتضم هذه المجموعة دولتين اوروبيين ( البرتغال واليونان) اضافة الى جل دول أمريكا اللاتينية وبعض دول الشرق الأوسط فهي تبلغ 3.5 بالبحرين ( 1988 ) و3.6 باليونان ( 2004 ) و3.8 بالمكسيك (2004 ) و 5.1 بالبرتغال و6 بإسرائيل ( 1999 ).
· بين 6.5 و13 : وتضم دول أمريكا الشمالية وبعض الدول الأوروبية ( إيطاليا وإسبانيا وبريطانيا والنرويج... ) والآسيوية ( الهند ) .
· اكبر من 13: وتضم جل دول أوروبا وآسيا فهي تقدر بـ17.5 بفرنسا ( 2004 ) و19 بسويسرا ولكسمبورغ والنمسا ( 2002 ) و21 ببلجيكا ( 1997 ) وفنلندا ( 2002 ) و25.5 باليابان ( 2004 )
ارتفاع نسبة الانتحار في دول الاتحاد السوفياتي سابقا و في دول اوروبا الشرقية.
يمكن من خلال الارقام المُتوفرة احداث ، مجموعة خامسة، صلب المجموعة الرابعة تضم الدول التي تعرف نسب انتحار مُرتفعة جدا وهي دول أوروبا الوسطى والشرقية والتي تُسَجِّلُ، منذ التسعينات، أعلى نسب انتحار في العالم اذ تبلغ نسبة الانتحار 27.3 باستونيا ( 2002 ) و28 بكل من كازاخستان ولاتفيا ( 2002 ) و29.6 بأوكرانيا ( 2000 ) و33.2 ببلاروسيا (2001 ) و38.7 بروسيا ( 2002 ) لتصل الي 40 بالمجر و 44.7 بلتوانيا ( 2002 ).
و تؤكد الإحصائيات الأخيرة تواصل ارتفاع هذه النسب « المُفْزعة » في هذه البلدان وخاصة لدى الرجال [5].
وتنفرد لتوانيا سنة 2004 ، بنسبة 51.6، بالمرتبة الأولى عالميا من حيث ارتفاع نسبة الانتحار لديها مُتقدمة على روسيا وبلاروسيا واستونيا وكازاخستان ولتفيا، وبذلك تحتل دول من الاتحاد السوفياتي السابق المراتب الست الأولى .
تبلغ مُعدلات نسب الانتحار في العالم فيما يتعلق بالخمس السنوات الممتدة من 1996الى 2000 ، أعلى مستوى لها في روسيا ثم في بعض دول ما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي وتليها المجر فسلوفينيا[6]
في جل هذه الدول تتجه نسب الانتحار نحو الارتفاع ( او الاستقرار في بعض البلدان ) بخلاف ما تشهده جل دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول المُصنعة ( اليابان ) او الهامة (الصين ) من انخفاض مُتواصل في نسب الانتحار لديها.
لئن تتميز دول اوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي سابقا، بارتفاع نسب الانتحار لديها فان دولا اخرى هي التي تعرف اكبر ارتفاع لنسب الانتحار لديها ( المكسيك وسيريلانكا )
· يبدو من خلال دراسة ارقام بعض الدول المصنعة على مدى 150 سنة ان التوجه العام في هذه الدول هو تنامي نسبة الانتحار مقابل تراجع نسب بقية اصناف الموت العنيف ( قتل وحوادث ).
· عرفت المانيا واليابان منذ الخمسينات تطورا سريعا لنسب الانتحار لديهما ( بعد الهزيمة والاحتلال والاهانة ) وقد شكلت اليابان طيلة عقود حالة خاصة في العالم المصنع وعليه فان ما تعيشه دول الاتحاد السوفياتي سابقا وبعض دول اوروبا الشرقية من ارتفاع يمكن تفسيره بحدة التحولات واهمية الاحباط ( بطالة وفقدان مرجعيات وانتهاء العظمة وانهيار الترابط الاجتماعي وضعف الدولة وغياب اي تقدير للذات...).
يتميز الوضع الاجتماعي منذ بداية التسعينات في هذه الدول بالتوتر والتقلب وتفاقم عدد من المشاكل ( بطالة وهشاشة وتراجع الخدمات والتغطية الاجتماعية وانهيار النظام الصحي ....) وتزايد مختلف مظاهر العنف والموت العنيف اذ تكاد تحتل نفس الدول المتصدرة للترتيب الدولي لنسبة الانتحار مقدمة الترتيب الدولي المُتعلق بغير الانتحار من اسباب الموت العنيف ( القتل والحوادث المختلفة ).
اذ تتصدر روسيا الترتيب الدولي لنسبة الموت العنيف بجميع اصنافه وتليها اوكرانيا ثم كازاخستان بنسب هي على التوالي 221 و 149 و 129 عن كل 100 الف وهي نسب بعيدة جدا عن بقية النسب الدولية اذ ان الموت العنيف يشكل احد اهم أسباب الوفيات في هذه الدول ( 18 % في روسيا مقابل 8 % في الولايات المتحدة الامريكية و 4 % في السويد والمانيا و 3% فقط في المملكة المتحدة )[7] .
وبالتوازي مع تنامي العنف، فان عديد التقارير الاممية تؤكد تدهور الوضع الصحي في هذه البلدان وتراجع بعض المؤشرات عما كانت عليه في الثمانينات ويمكن ذكر تطور نسبة الإصابة بالسيدا وارتفاع نسبة الإدمان على المخدرات والكحول....وتدهور الصحة الجنسية ( تعرف أوكرانيا وروسيا أعلى نسب حمل لدى المراهقات في أوروبا ) [8].
ويؤكد المكتب الأوروبي لمنظمة الصحة بالأرقام وفي عديد الوثائق تخلف النظام الصحي في هذه البلدان وخاصة في مجال الصحة العقلية ليس فقط مقارنة مع باقي الدول الأوروبية بل عما كان عليه قبل التسعينات في هذه البلدان بالذات [9].
وقد سبق لعديد المنظمات الأممية المختصة أن أصدرت تقارير دقيقة ومرقمة عن حجم الدمار الاجتماعي الذي أصاب دول أوروبا الوسطى والشرقية عقب انهيار جدار برلين وتحولها من 8 دول مُتضامنة ومُستقرة إلي 27 دولة متأزمة وفي حالة تحول سريع [10
سفيان الرقيقي/ سبتمبر 2006-
[1] http://www.who.int/mental_health/prevention/suicide
[2] خمس دول عربية فقط توفر احصائيات حسب موقع المنظمة وجلها احصائيات قديمة وتقارب نسبة الصفر في مصر وسوريا والاردن في حين تبلغ 3.1 بالبحرين و 2 بالكويت
[3] http://www.who.int/mental_health/prevention/suicide/en/Figures_web0604_table.pdf
[4] http://www.who.int/mediacentre/news/releases/2004/pr61/en/
[5] تصل الى خمس او ستة أضعاف نسب انتحار النساء في كل من لتوانيا وروسيا وبلاروسيا واوكرانيا وكازاخستان، فنسبة انتحار الرجال في هذه الدول هي على التوالي 80.7 و69.3 و60.3 و52.1 و 50.2 وهي أعلى نسب في العالم فنسبة انتحار الرجال في روسيا تفوق اليوم ضعف ما هي عليه في فرنسا وسويسرا ( 69 مقابل 27 ) وهي تساوي سبعة أضعاف ما هو عليه الامر في اسرائيل أوالبرتغال .
[6] " الانتحار والوقاية من الانتحار " الديوان الفدرالي للصحة العمومية بسوسرا ( افريل 2005 ) ص9 .
[7] www.ined.fr
[8] http://www.euro.who.int/document/mediacentre/fs0203f.pdf
[9] www.euro.who.int/document/mediacentre/fs0303f.pdf
[10] يمكن على سبيل الذكر لا الحصر مراجعة التقرير الشامل لمنظمة الامم المتحدة للطفولة ( يونيساف ) الصادر سنة 1999 بعنوان " بعد السقوط الأثر الانساني لعشر سنوات من التحول " http://www.unicef-icdc.org/publications/pdf/apreslachute.pdf
[4] العنف والصحة ص 19 منظمة الصحة العالمية 2002.
[5] « violence dirigée contre soi » OMS 2002.
[2] وتنقسم الإحصائيات الاجتماعية للمنظمة الى خمسة مجالات مترابطة تهم مؤشات متعلقة بـ :
الإطار العام : الدخل الفردي والتبعية الديمغرافية والخصوبة ..
الاستقلالية : العمل والبطالة والإعانات الاجتماعية الدنيا والتكوين وبطالة الشباب.
الصحة : امل الحياة والوفيات والنفقات الصحية..
المساواة والإنصاف : فقر واختلاف المداخيل وفقر الاطفال ومداخيل المتقاعدين والنفقات الاجتماعية العمومية ... اللحمة الاجتماعية لسعادة الذاتية :الانزواء الاجتماعي والمشاركة في الحياة الجمعياتية واستعمال المخدرات والانتحار... وجميعها مؤشرات يمكن ان تؤثر على نسب الانتحار.
[3] في غياب مثل هذه الإحصائيات التفصيلية، تتضخم المُتغيرات العامة والأحكام المسبقة