2008/12/07

حيرة مسلمة و حـيْـرة مُواطن

  • حـيْـرة مُواطن
    حول كتاب "حيرة مسلمة" لألفة يوسف[1]

    لقد وجدتُ هذا الكتاب مُخاتلا عنوانا ومضمُونا.
    عنوان مُثير ومنهجية غائبة
    تفُوحُ من العنوان رائحة إثارة وتسْوِيق ودعاية، فهو يَربط مُصطلحًا قريبًا من قوامِيس الفلسفة وعلم النفس (الحيرة) بالدين[2] بشكل يُغْري بحديث عن حَيْرة ذاتية تتعلق بدين يختزل الكاتبة في بُعد واحد ( مُسْلمة ) ولقد زادَ العنوان الفرعي العنوانَ إثارة اذ أنه جمع كلمتين "عاديتين" ( ميراث وزواج) بمُصطلح يُشكلُ " تَابُو" حتى في الدُول الغربية (الجنسية المثلية ).
    ولكن سُرعان ما يكتشفُ القارئ انه لا علاقة للمضمُون لا بإيحاءات العنوان ولا بوُعُود المُقدمة اذ "الحيرة" لا تعني الشك المنهجي او التحليل النقدي و"مُسْلمة" لا علاقة لها بأي ذاتية فردية ( فضلا عن أي أنوثة مُتمردة ) بل ولا علاقة لها بالفهم الشائع للإسلام في تونس ولفظ "دكتورة" لا يضمن أي دقة علمية[3]. فالكتاب " فتاوي في الميراث والزواج والمثلية الجنسية " وَرَدتْ في مقالات عامة وفقرات سطحية [4] لا رابطة بينها وقد وقع تقسيمها الى ثلاثة فصول تضم على التوالي 7 و9 و8 "حيرات" ( مقالات ) وينتهي كل فصل بـ" ما بعد الحيرة" في حين ينتهي الكتاب بخاتمة غير ان ما ورد تحت اسم خاتمة أو مقدمة لا يختم شيئا ولا يُقدم الي شيء مُحدد، فخاتمة الكتاب مثلا كان يُمكن ان تكون مٌقدمته ومُقدمته كان يُمكن ان تكون خاتمته وكل منهما كان يُمكن ان يكون افتتاحية لأي مجلة سلفية وفقرات المقدمة والخاتمة وأسئلتهما يمكن اعادة ترتيبها تقديمًا وتأخيرًا وحذفًا وإضافةً ذلك أنها لا تخضع الى أي منطق أو تسلسل وقد يعود ذلك الى ان كل طموح الكتاب هو" تتبع لبعض سقطات المُفسرين ومغالاة الفقهاء "[5] !
    وكما تبدُو العلاقة بين مواضيع الفصول ("الميراث والزواج والمثلية" ) غير واضحة فان انتقاء "الحيرات" وعناوينها وطولها وترتيبها بدا بلا معني. فلماذا خُصّ موضوع "الجنسية المثلية" بسبع حيرات "مُختلفة " ؟ ولماذا أقحمت الكاتبة حيرتها حول "غلمان الجنة للخدمة الجنسية؟ " ضمن فصل الجنسية المثلية اذا كانت غاية هذه الحيرة "لا علاقة لها بالتفنيد أو التأكيد" ؟[6] ولماذا إدراج " نكاح اليد" في فصل الزواج ؟ وكيف يمكن للكاتبة ان تبرر ذلك، وهي التي تدعِي الثورة على السلف بشكل سلفي؟ "[7] ثم ما أهمية الإطار العام الذي اختارت الكاتبة ان يتنزل فيه كتابها ؟ فلقد اختارت اطارا عامًا ( الأديان ) وغامضا فأرادته "لبنة فكرية ضمن لبنات فكرية أخرى عديدة تؤمن ان المحبة جوهر الأديان"[8] فما معنى ان المحبة جوهر الأديان ؟ ومن هم رموز هذا التيار الذي ترغب الكاتبة ان تدرج ضمنه ؟ ألا تقوم جل الأديان على "الحب في الله والكره في الله "؟
    قد يكون جوهر الأديان محبة وزهد لكن تاريخ الأديان اقتتال ودماء وفتن وتوظيف سياسي فلقد حطم الرسل الأصنام التي كان آبائهم يعبدونها وحاربوا "المُشركين" ومن خالفهم بعض الجزئيات، فالأديان لا تعترف بمنافسيها كسبيل مُمكن للخلاص الروحي وعليه فهي لا يمكن ان تكون المدخل المثالي للحديث عن المحبة ولا يمكن ان تكون مرجعا للحديث عن الجنس أو الحيرة فالمعروف عن الأديان تقديمها المجموعة على الفرد واليقين على الشك والتأنيب على الاقناع و"المصلحة" على المُتعة والحقيقة المطلقة علي النسبية.

    أين تونس ؟ وفي أي زمن نحن ؟
    تُشيرُ الكاتبة في المقدمة إلى المجتمع التونسي ثم يغيبُ هذا المجتمع وخُصوصياته عن بقية الكتاب كما تغيبُ تونس كليا كإرث فكري مُتميز بل ويغيب أيضا الزمن فلكأن الكتاب يتوجهُ الي بعض الواقفين خارج الزمان والمكان .
    فالكتاب ينطلق من فهم سلفي لإسلام تجاوزته الدولة وأغلب النخب السياسية في تونس ويُحاول ألا يظهر ككتاب ديني فيَدّعِي انه بحث في "الشأن الديني" ويُقدم نفسه على انه "اجتهاد" مُتحرر ومُعاصر رغم أنه في قطيعة مع القيم الإنسانية بشهادة الكاتبة نفسها التي لا تقارن أفكارها بالفكر الإنساني ومرجعياته بل تجعل مرجعيتها الوحيدة النص الديني و"منافسيها" (المُعاصرين) شيوخ الأزهر وعمرو خالد ويوسف القرضاوي وعبد العزيز الباز بل أنها تزعم ألا وجود في الساحة الا لهؤلاء الذين يُقدمُون " شيخ يصرخ فيحرم الغناء والصور والفنون وحلق اللحية .." [9] والحال ان الساحة الإسلامية تعرف منذ الثمانينات مُحاولات تحديثية مُهمة وتيارات رائدة، فلماذا التركيز على بعض "المُتطرفين" ؟ وأين تونس في كل ذلك ؟ وما مدى أهمية التساؤل عن جواز التسري بالجواري والغلمان اليوم [10]؟


    أصولية تُدافع عن زواج المتعة بشعارات تحديثية !
    تبدو الكاتبة، التي تقدم كتابها بنفسها !، واثقة من آرائها ومُعتدة بمنهجيتها وتدعي " ركوب الخطر في مسائلة المستقر وتحريك الراكد وتهديد إجماع الأمة" [11]رغم ان خطابها سلفي المضمون والآليات وان استعمل مُصطلحات حديثة وابتعد عن الوعظ والإرشاد والترهيب والترغيب فهو يُكرس علوية النص الديني ويختزل التجديد في " بيان الثغرات الموجودة في تفاسير القدامي" والاجتهاد في البحث عن " تأويلات مُمكنة وكامنة في النص الديني" ولعل التجديد الوحيد في هذا الكتاب اضافة الى إعتماده شعارات براقة، هو طرْحِه كمًا هائلا من الأسئلة التي تُعطي الانطباع بوجود مُقاربة نقدية والحال أنها أسئلة تجيبُ أكثر مما تسأل وتُعبر عن تلاعب أكثر مما تعبر عن شك أوحيرة[12].
    ولئن اتسمت "حيرات " الكاتبة بالبساطة والسذاجة أحيانا[13]، فانها تنتهي أحيانا الى "تسريب" أفكار رجعية واخرى تحتمل المعنى ونقيضه[14] وهي عموما لا تعبر عن مواقف واضحة من القضايا المطروحة.
    ان هذا الكتاب الذي تزعم الكاتبة أنه "قراءة متسائلة لآيات قرآئية يعتبرها المسلمين مُحكمة واضحة" يُداعب جمهور مُتعطش لمعرفة وظائف الغلمان في الجنة وحكم الاستمناء والمثلية والنكاح من الدبر والتزوج من الصغيرات وطاعة الزوج في الفراش …الخ لكن الكاتبة لا تكتفي بتلبية انتظارات هذا الجمهور من خلال استعراض آراء الفقهاء في مثل هذه المسائل الجنسية بل تنحدر الى درجة تبرير "زواج المُتعة" وبحجج سخيفة[15] وهو ما يجعلها في قطيعة ليس فقط مع مطالب الحركة النسوية والتقدمية في تونس بل مع مطالب "النهضة" وجل من هم على يمينها من الإسلاميين .
    ان كل ما قدمته الكاتبة هو إعادة "تسخين" لفتاوي اعتبرتها الكاتبة أكثر تفتحا من فتاوي أخرى اتهمتها بأنها مُحافظة و مُنغلقة وشاذة...
    فبخلاف بعض الإسلاميين ( جمال الينا وغيره ) الذين يرفعُون شعار " الإنسان هو الغاية والدين هو وسيلة" فالكاتبة تنطلق من تقديس للنص الديني وتظل داخل جُدرانه وخلفَ أسوار لُغته وهي تحسم في نُصُوص دينية مُعينة دون ان تحسم قضية جوهرية تتعلق بمنهجية التعامل مع النص الديني بشكل عام مما يجعل مواقفها ضعيفة او متناقضة بل يجعلها تُبدو مُهتمة بتفاصيل هي مُجرد إنعكاس لمنهجية مُعينة في التعامل مع النص .
    كيف يُمكن تأويل النص الديني؟ ولماذا ؟
    تكتفي الكاتبة بشروحات لغوية دون ان تُبين المعايير التي اعتمدتها أو التي يجب اعتمادها لمعرفة النصوص التي يجب تأويلها ولا تُقول الى أي مدى يُمكن الذهاب في تأويل النصوص التي "تلاعب بتأويلها الفقهاء والمفسرون...وحاولوا ان يتعسفوا كعادتهم على ما في القرآن من عموم وانفتاح في التأويل "[16]
    ولكن كيف نتأكد ان تأويلها غير مُتعسّف على ما قد يكون كامنا في النص الديني من انفتاح ؟ ثم كيف نضمن انه لا يتعسف على ما هو صريح في القيم الإنسانية المُعاصرة من تحرر ؟ أو ليست هذه القيم الإنسانية هي المرجعية الأولي لكل تفكير سياسي ؟ وانا أعتبر ان الكتاب يقتحم مجال الفكر السياسي لأنه لا يتحدث عن العبادات والروحانيات والأجر والثواب فقط بل عن السُلوك الفردي في علاقته بمفهوم "الحُدُود" كمؤسسة عقابية رسمية.
    فالكاتبة لا تعترف بتاريخية النص الديني وتردد انه صالح لكل مكان وزمان وبناء على ذلك تُحاول تأويله من اجل نها صاحبة تأويل "صحيح" نن في طرح أسئلة توهم بوجود نقد ما والحال انها اسئلة إثبات أن تأويلها :
    1. صحيح دينيا ولغويا
    2.ومُتناغم مع الحداثة
    ولكن الكاتبة لا تخُوض في العلاقة بين الهدفين ويبدو انها تعتبر ضمنيا ان كل ما هو صحيح دينيا هو بالضرورة متناغم مع الحداثة ولعل ذلك ما يجعلها تذهب أحيانا بعيدًا في تأويلها للنص الديني [17]
    وتبدو الكاتبة سعيدة وهي تقترح حرية التأويل كحل لتجاوز بعض النصوص ولكنها تتجاهل ان "حق التأويل" يدخل في اطار حرية الفكر والتعبير وان المشكلة ليست في التأويل بل في وجود تآويل تدعي الحقيقة وتحاول فرض آرائها بالسلاح .
    بل ان بعض اكثر التأويلات الدينية جماهيرية اليوم هي أبشعها وأكثرها تطرفا ذلك ان بعض الشباب العاطل والمُحبط واليائس والمُهان والذي لا يفكر الا في الانتحار لا يُمكن، في ظل الظروف الوطنية والدولية الحالية، ان ينجذب الى فتاوى السيدة ألفة يوسف لأنه يبحث عن عنف يرُد به على عنف الدولة وعنف الفقر وعنف الحرمان وعنف الغرب.
    فتأويل النص الديني هو في نهاية التحليل تأويل للواقع وهو لا يستقيم الا اذا توفر مناخ من الحرية والتسامح وطالما لا تفكك ولا تحلل آليات الفكر السلفي بشكل علمي ( نصر حامد ابو زيد مثلا) فنتائج مُداعبات السية الفة يوسف قد تكون لها نتائج عكسية.
    ان المُفارقة الكبرى في هذا الكتاب السلفي هو أنه ومنذ مُقدمته كافٍ لإهدار دم الكاتبة من قبل بعض أبناء دينها ممّن لا يُؤمنون بالمُواطنة والحرية بل يؤمنون، مثلها، بأن النصوص الدينية صالحة لكل زمان ومكان وأنه يُمكن (تأويلها و) تطبيقها في القرن الواحد والعشرين .
    ان مثل هذه النظرة التقديسية للنص الديني تجعل بالنسبة الي البعض، ألفة يوسف، مُتهمة بل مُذنبة بسبب ما كتبته بل هي ضحية ، لدى فريق من السلفيين، حتى قبل ان تكتب أي حرف من كتابها، فهي لمجرد أنها امرأة ممنُوعة في السعودية مثلا من السياقة ومن السفر ووجهها مُعرض للضرب وهي في مصر مثلا مُعرضة لخطر ان تُطلقَ من زوجها، غصبًا عنها وعنه.
    لن أسرد كل النتائج الكارثية للخلط بين الدولة والدين في الدول التي تستعمل المتطرفين وتأويلاتهم لنسف مفهوم المواطنة.
    هل يجب ملائمة النص الديني مع القيم الإنسانية أم العكس ؟
    تبدو بعض الفتاوي "التحررية" للكاتبة ضعيفة فيبدو مثلا انها تنتصر للمساواة في الميراث وللإكتفاء بزوجة واحدة ولكنها تفعل ذلك انطلاقا من "تحاليل" دينية، وقد اضطرت لدعم موقفها المتحرر الى التظاهر باستخدام آلية سلفية (القياس) من اجل استعمال سابقة مُهمة تؤكد ضرورة تغليب العقل للتخلص من أي نص ديني مُتجاوز (إلغاء الرق عقليا رغم التنصيص عليه بصريح النص القرآني) والحال ان أهم ما في هذه السابقة هو إقرارها ضمنيا بضرورة تخليص الدين من النصوص المُناقضة للقيم الإنسانية تخليصا عقلانيا وليس بالاعتماد على أي تأويل ديني.
    ولا يكاد يشير الكتاب لا صراحة ولا ضمنيا الي أهمية القيم الإنسانية المُشتركة بل بالعكس يدُوس في أكثر من مناسبة على اهم مبادئ حقوق الإنسان سواء من خلال الدفاع عن أفكار رجعبة ( زواج المتعة ) أو طرح أسئلة تطعن ضمنيا في المساواة بين المرأة والرجل مثلا ( طاعة المرأة زوجها في الفراش ) او تنسف مفهوم الحرية الشخصية بل ان الكاتبة حين تتحدث عن تناقض مفهوم الرق مع حقوق الإنسان تتعمد ألا تتحدث بضمير المُتكلم وتنتقي عبارات ضعيفة لتدعي أن " السبي في حد ذاته مُحرج من منظور حقوق الإنسان الحديث "[18] .
    أنا لا أؤمن مثل الكاتبة بحق المسلم الصادق في تأويل النصوص الدينية بل أؤمن بحق أشمل هو حق المواطن في التفكير والتعبير بكامل الحرية وأنا لا أعتقد ان من حق الدولة اعتماد تأويلات رسمية في مجالات الدين أو التاريخ أو العلوم مهما كانت تلك التأويلات مٌتحررة .
    فالمُهم اليوم ليس مُحاولة تأويل وإعادة تأويل أو تجميل بعض النصوص الدينية حتى لا تكون محرجة من منظور حقوق الانسان بل إعادة نظر جذرية فيها علي ضوء القيم الإنسانية المُشتركة لتحريرها نهائيا من بعض "الجزئيات" مثل "الحدود" والميراث والجهاد والرق والردة وضرب المرأة وتعدد الزوجات ..الخ.
    اني اجد أمرا سخيفا البحث عن فهم "جديد" لمعني حرف الجر الفلاني الوارد في نص ديني مُعين من اجل تبرير تأويل "مُتحرر" لنص يُمكن تجاوزه عقليا.
    ان هذه النصوص مُتجاوزة ولا حاجة الى إضاعة الوقت والجهد في تأويلها ولعلها تحجب اليوم مقاصد الدين وقيمه الروحية وتُضخم تفاصيل "مُثيرة" مثل حديث البهيمة ! ولقد وجدتُ هذا الحديث[19] مُهما لسببن على الأقل فمنهجيا هو خارج إطار ما حددته الكاتبة لنفسها من مجال بحث وتساؤل (لأنه لم يرد في القرآن ) أما من حيث المضمون، فما الذي يجعل مثل هذا الحديث الضعيف أكثر شهرة ورواجا اليوم من آلاف الأحاديث ذات الأبعاد الفلسفية والروحية ؟
    ان اقحام حديث البهيمة في هذا الكتاب يعكس الرغبة في الإثارة ويفضح منهجية الزج بمواضيع "خاصة" في دائرة النقاش الفقهي-السياسي . ان التساؤل عن الحكم الديني لمن يأتي بهيمته ( أو زوجته من دُبرها..الخ)، يفرض إطارا دينيا على قضايا غير دينية ويصبح هذا الاطار خطيرا حين تتعمد الكاتبة ربط هذا الإطار بمجالات تجهلها مثل طبيعة المؤسسات السياسية ومفهوم النظام العام ومرجعيات السلطة التشريعية..الخ [20] .

    الوظيفة الدفاعية ومنهجية التلاعب
    تعترف الكاتبة ان مهمتها هي "تسويق إسلام مُشرق" وتُردّدُ أن "النص الديني صالح لكل مكان وزمان"...وتبشر قرائها ان القرآن بريء من كل التُهم" [21] .
    وتتوهم الكاتبة أنها بهذه التأكيدات أنْهت مُشكلة النص الديني ( المُتَجَاوَز ) والحال انها بذلك لم تفعل سوى تعويض مشكلة النص بمُشكلة التأويل أو مشكلة الدين بمُشكلة القارئ (" الغبي " الذي لم يدرك بعد الأسرار الإلهية الكامنة في النص ).
    فالكتاب، بمثل هذا التلاعب، لا يُقدم أي إضافة او إجابة الا لمن هو مُسْلم سُني سلفي ومُقتنع اما المُهتم بالشأن الديني فسيظل على حيرته خاصة ان الكاتبة، حين تستنفذ كل الحجج النحوية والغوية والدينية و"المنطقية"، تلجأ الى بعض الأدوات الكلاسيكية للتلاعب والدعاية مثل التخويف والتعميم والمبالغة والتبسيط السطحي وعرض المشاكل المُعقدة دون ربط بعضها ببعض أو عرضها بشكل مَغلُوط أو مُوجّه أو إيهام القارئ بوُجُود خطر داهم لا يُمكن تفاديه الا بأحد حلين اثنين، أولهما شر مُطلق والثاني شر ولكن يُمكن قبوله (فبمثل هذه المُغالطة دافعت مثلا عن زواج المُتعة) .
    وتلخص الكاتبة كتابها كما يلي " لو طلب منا ان نؤلف ما ورد في هذا الكتاب لقلنا شتان بين امكانيات القرآن التفسيرية والتأويلية المُنفتحة وبين مواقف جل الفقهاء والمشائخ وأرائهم المنغلقة من جهة اخرى"[22] وهذا الكلام العام مهم لانه يلخص مضمون الكتاب ومنهجيته "الذكية" فهذه الجملة من نوع تفسير الماء بالماء فهي صحيحة ولكنها لا تقدم أي شيء مُحدد ولا تجيب على أي إشكالية من الاشكاليات المطروحة : كيف يجب تأويل النصوص الدينية ؟ وما علاقتها بالقيم الإنسانية المعتمدة كمرجعيات أساسية للفكر السياسي والقانوني المعاصر ؟.
    ان تأكيد الكاتبة على ان فتاويها اكثر تحررا من فتاوي بعض المُتشددين لا يضيف أي معلومة ولا يقدم أي حجة إضافية تدعم آرائها فتلك مجرد وسيلة من وسائل التلاعب والدعاية حتي يتوهم القارئ ان ما يعرض عليه هو "افضل ما هو موجود " ان تغييب كل ألوان الطيف الفكري والاكتفاء بشخصيات "كاريكاتورية" حيلة سياسية لا علاقة لها بالبحث العلمي .

    لحدود" مؤسسة سياسية و دينية منتهية
    لا تهُمني القضايا التي تثيرها الكاتبة حول وظيفة الغلمان في الجنة "هل هم للخدمة الجنسية ام لا ؟" ولكن ما يُزعجني هو إقحام بعض هذه المواضيع الدينية في حلبة النقاش السياسي بطريقة تقفز على قيم العصر ومنطق الجغرافيا وقوانين التاريخ والدولة اذ ينتابني عند قراءة بعض الفتاوي خوف من ان تنطلق في ذهن القارئ السلفي البسيط سلسلة الحماقات المُرتبطة بمفهوم الحدود وهي :
    1.الموضوع الفلاني حرام
    2.حكم او حد من يرتكب هذا الحرام هو كذا الرجم او قطع اليد او القتل
    3. ان الدولة الحديثة لا تقيم هذا "الحد الإسلامي"
    4. يُمكن للبعض ان ينوبوا عن الدولة في إقامة "حكم الله" ".
    ان الدعاية السلفية تكتفي عادة بترويج العناصر الثلاثة الأولي أما العنصر الرابع فهو نتيجة طبيعية ينتهي اليها المُتلقي ويُضخمها بنفسه حسب درجة إحباطه وقهره وفقره المادي والروحي وبداوته .
    فالخطر هو انزلاق بعض المتعصبين من الحديث عن عقوبات دينية مُعينة الى التنظير الي ضرورة المُبادرة بتنفيذها وُصُولا الى تنفيذها في سعي للاستحواذ على بعض الاختصاصات الحصرية للدولة والتي من بينها استعمال العنف وتحديد مفهوم "الجريمة" ومُعاقبة " المُجرمين" وهي اختصاصات مُحددة في إطار دستوري وقانوني مضبوط وضمن مؤسسات ومفاهيم وقيم حديثة لا علاقة لها بالحلال والحرام .
    ان خطورة الحديث عن الحدود وعن ضرورة إقامتها تكمن في ان بعض البسطاء ممن لم تدخل الدولة العصرية أذهانهم بعد، قد يُبادرون الى تنفيذ ما يعتبرونها "حُدودا بأنفسهم مُتوهمين ان إقامتها غاية في حد ذاتها وأنهم فوق الدولة وقوانينها الوضعية.
    فالحدود الدينية مؤسسة عقابية مرتبطة بظروف تاريخية انتهت والحديث عن حكم الإسلام في اللواط والسحاق ..الخ هو حديث ديني ويجب ان يبقي داخل إطار الحلال والحرام دون التهديد بعقوبات دينية تنفذ في الدنيا فالعقوبات الدينية لا تنفذ الا في الآخرة اما العقوبات الجزائية التي يمكن ان تطال المواطن فتحددها وتنقذها وتغيرها مؤسسات الدولة .
    ان من حق الكاتبة مواصلة البحث عن حكم الطبري وابن تيمية في الاستمناء واتيان المرأة من الدبر ...ولكن لا يجب اقحام هؤلاء الفقهاء في العقوبات الجزائية التى أصبحت منذ قرون مسألة سياسية مُرتبطة بالحقوق الأساسية للمواطن.
    المواطنة أهم اختراع إنساني
    ويبدو ان الكتاب يتجاهل أن الدول اليوم تقوم على مفهوم المواطنة كضامن وحيد لحقوق جميع المواطنين سواء كانوا مالكيين او مُلحدين أو يهودًا أو أباضيين أو مُتطرفين أو مثلين أو "خبزيزتيين" أو مُحافظين أو حتى إرهابيين أو مُجرمين.
    لا اعتقد انه من مهام الدولة او الدين مُراقبة أفكار البشر ومُتابعة المُلحدين او التدخل في الحياة الجنسية للراشدين ولا فائدة ترجي من وراء إقحام الفقهاء ( متعصبين كانوا او متحررين ) في النقاش السياسي باسم الدين فالسياسية تُمارس باسم المُواطنة (لا العقيدة) والعبادة وحدها هي التي تُمارس باسم الدين.
    فانا حين أفكر في مواضيع مُتصلة بالحُقوق الأساسية للمواطن مثل الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية [23] والحق في الشغل والصحة والتعليم والحق في التوزيع العادل للثروة والتنمية المستديمة والدفاع عن المستهلك ومقاومة الرشوة وغسل الأموال والتهرب الجبائي ...الخ، لا افكر بآليات دينية ( حلال ام حرام ) ولا بالنظر الي نصوص دينية ( وتأويلاتها ) بل بالاعتماد على القيم الإنسانية المشتركة وبالنظر الى المواثيق الدولية والدستور والقوانين ..الخ
    فحق التونسية في التزوج بأي رجل (تونسي أو أجنبي) لا يُمكن ان يكون قابلا لنقاش ديني حتى وان لم يدخل ضمن حيرات الكاتبة المُحيرة فعلا اذ لم افهم شخصيا كيف تحتار جامعية بسبب وظائف غلمان الجنة وتتناسى انها كتونسية غير قادرة على التزوج بمن تشاء ؟ .
    فأنا كمواطن تونسي أشعر بالإهانة والعار (وليس فقط الحيرة) لان الإدارة لا تزال تراقب العشاق الراشدين وتطاردهم كالمجرمين وتُطالب بعض الراغبين في الزواج بتغيير ديانتهم والإدلاء بشهادة في اعتناق الدين الإسلامي وتفرض طريقة مُعينة في الدفن على المواطنين وتغلق بعض المحلات في رمضان وتتدخل لتفرض لباسًا مُعينا او لتمنع لباسا آخر تعتبره "طائفيا "[24].
    خاتمة
    ان الأمم المتقدمة تتجه لحماية الطبيعة والأجيال القادمة والكرامة والحياة الخاصة ..في حين تزج بنا الفة يوسف في متاهات التأويل والحال ان أبشع ما في التآويل انها تلغي بعضها بعضا وانها يمكن ان تتحول الي ايديولوجيا رسمية تقام باسمها محاكم التفتيش وحفلات قطع الرؤوس.
    ففي الوقت الذي أرجعت فيه بعض الأمم مسائل سياسية خطيرة ( جرائم الميز العنصري في جنوب إفريقيا ) الى ما يُشبه المسائل الشخصية من اجل لملمة الجراح وتوحيد الأمة ونسيان الماضي وبناء مستقبل مُتسامح ، لا يزال البعض عندنا يصر على تسييس مسائل شخصية أو "تديينها" فهذا فقيه يُجرم القبلة ويجعل منها تهديدا للنظام العام وهذا مُفتي عمومي يمنع تداول رواية أدبية وهذا جاهل بالقوانين يطالب بقتل كاتب ويجندُ ضده أجهزة الدولة ومنابر الدين وهذه جامعية من تونس تطالب بزواج المتعة ..الخ.
    اني أعتبر كتات "حيرة مُسلمة" دعما غير مباشر للفكر المُتطرف لا لأنه يقف معه على نفس الأرضية ويُضخم بعض قضاياه التافهة فقط بل لأنه يُكرس الخلط بين العام والخاص والقانون والفتاوي والدولة والدين والماضي والحاضر ويخلط التاريخ بالجغرافيا و"الدعاية" بالبحث العلمي .

    سفيان الرقيقي
    sofianereg@yahoo.fr

    [1] الفة يوسف،"حيرة مسلمة: في الميراث والزّواج والجنسيّة المثليّة"، دار سحر للنّشر، الطّبعة الأولى، 2008.سلسلة "في الشأن الديني".247ص.
    [2]والحال ان الدين عُموما إجابة ومُسلمات ويقين في حين ان الحيرة تساؤلات وشك ونقد
    [3] يغيب عن قائمة المراجع أبرز المفكرين المُهتمين بالشأن الديني وهي لا تضم أي اسم من "فقهاء القانون".
    [4] مثل قولها في خاتمة احدى حيراتها "اني للمفسرين وهم الذين يعدون شغل اهل الجنة افتضاض العذاري، ان يتحلوا ببعض من التواضع بل الحياء الذي يدعوهم الى الصمت عما لا يمكن قوله" ص 222.
    [5] المصدر السابق ص 226
    [6] " ان طرحنا لمسألة الغلمان في الجنة في علاقتهم بخدمة جنسية مفترضة لا ينشد تأكيدا ولا تفنيدا ولكن ينشد اثارة حيرة اعمق مجالها هذه الرغبة العنيفة لدى عدد كبير من المفسرين في استباق ما في الجنة وتقديمه قي صورة حسية " ص 221.
    [7] "من المشروع التساؤل عن سبب إدراج الاستمناء أو نكاح اليد ضمن فصل خاص بالزواج ونجيب بأن الاستمناء من منظور بعض الفقهاء والمفسرين ضرورة يلتجأ إليها في حال غياب إمكان الزواج والتسري" ص 159
    [8] نفس المصدر ص 113
    [9] نفس المصدر ص 225
    [10] " ان حفظ الفرج يكون بالنكاح والتسري ..وان المؤمن يجب الا ينكح الا الزوج او ملك اليمين...ويمكن ان يتسرى الرجل بجارية او غلام" ص 150
    [11] نفس المصدر ص 9
    [12] ان الاسئلة الواردة في خاتمة فصل الجنسية المثلية مثلا لا تطرح أي سؤال وكذلك الاسئلة التي ختمت حيرة "غلمان الجنة"
    [13] مثل " طاعة الزوج في الفراش" و" نكاح اليد" و "لماذا سكت القرآن عن السحاق ؟" و"هل ان القرآن يمنع تعدد الأزواج ؟
    [14] مثل حديثها عن قتل اللوطيين ( ص 224 ) أو موقفها من نكاح الدبر فبعد عرضها في تسع صفحات لحجج مُحرمي النكاح في الدبر تقول " ان هذه المسألة شخصية لا تهم الا الزوجين ولا تتصل الا بقبولهما إياها او استنكارهما لها ولا تتعلق الا بقرائتهما للآية السابقة وفق معاني الحرث والاتيان" فكيف تكون شخصية لا تهم الا الزوجين اذا كانت الكاتبة تربطها بنص ديني يجب على الزوجين تأويله ؟ هل تقصد ان التأويل شخصي ولكن المسألة خاضعة لسلطة الدين ؟
    [15] " اننا نفضل على الاقل اعتباؤا ان يولد اطفال في اطار زواج متعة فينسبون الى آبائهم شرعا وقانونا على ان نرى هذا العدد المتزايد من الاطفال غير الشرعيين.." ص 103.
    [16] ص 114
    [17] " ان الآية المذكورة تقر بان المؤمن يجب الا ينكح الا الزوج او ملك اليمين فانها تغدو آية غير محرمة للعلاقة الجنسية بين المثليين باعتبار ان هؤلاء لا يمكن ان يكونوا ازواجا" ص 150
    [18] المصدر نفسه ص 128 وعبارة مُحرج مُحرجة اذا استُعملت في هذا السياق من قبل متخصصة في اللغة العربية لكونها في غير محلها اذ كان عليها استعمال أي عبارة تفيد التناقض الجوهري والرفض الكلي .
    [19] " من وجدتموه قد اتي بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة" ص 213 وقد وجدت على الانترنات عدة فصول واحاديث عن اتيان البهائم ويبدو ان بعض المذاهب السنية تعتبر، وبخلاف هذا الحديث، ان اتيان البهيمة "لا يفسد الحج ولا يوجب الحد"
    [20] فهي تتعجب من إصدار محكمة مصرية لحكم دون سند قرآني وغاب عنها ان مصر تختلف عن إمارة طالبان ص 336
    [21] ان الأديان ليست مسؤولية عن توظيفها السياسي والإيديولوجي وان القرآن براء من الجرائم التي ترتكب باسمه ..." ص 8 هذا صحيح تماما مثل القول بان كل الإيديولوجيات الأخرى بما فيها الماركسية بريئة مما ارتكب باسمها ولكن مثل هذه التأكيدات لا تغير من الأمر شيئا ولاتضيف أي معلومة ولا تقدم النقاش العام .
    [22]
    [23] بما تعنيه من حرية التعبير والتفكير والعبادة (وحرية تغيير الديانة ونقدها) والحرية الجنسية للراشدين والحق في الحياة الكريمة وحق الموت الرحيم..والحق في الإجهاض وإلغاء التعذيب وعقوبة الإعدام والعقوبات القاسية وحق المساواة بين المواطنين في الكرامة والحقوق (بقطع النظر عن الدين والجنس) والحق في حماية الحياة الخاصة
    [24] دافعت الكاتبة في موقعها وفي الصحافة الرسمية عن وجهة نظر السلطة مما يعرف بقضية الحجاب وحاولت تقديم تبريرات دينية ولغوية لموقف يعلم الجميع انه سياسي ولا دستوري..
Lire la suite ...!

2008/09/11

الترينو الجديد


( جواب مْسُوقر للشيمينو )

إسْمَعْ يالّي مَا سْمعتِشْ، قالك ياسِيدي بن سيدي جابُولنا ترينو طيّارة على خاطر القُدم كبرُو برشة وما عادش يصلحو وعلى خاطر خُوكُم دُغْفة يصدّقْ كل خبر بَاهي، قلتُ لرُوحي برّ نجربُو بش نذُوق بنة التكنولوجيا وعلى خاطر الترينُو القديم يعجبنِي قلتُ في قلبي مُوش مُمْكن يجوبُو الا واحد خِير منُو بش ينجم يشد 30 و40 سنة لقُدام وهزيت كتيب تحْفٌون وقصدتُ لاقار متاع برشلونة الحاصيلو ما نطولش عليكم تعداتلي سفرة مشُومة
حِسّ ما ينطاقش وزمارة تفجع المُوتى وتخليك تترحّم على عُروسات الحُومة وقالك الحسّ متاعُو مدروس فوق 130
دسبال بش ما تسْمعشي كلام اللي بحْذاك
رعشة خائبة : يبرطعْ كي البغل ويهز وينفضْ ( بالحق موش تعبير مجازي) ويفيبري ويطقتق تقول عليه بش
يتطرشق وفي كل دورة صغيرة يَمْشي ويجي يُمخُضْ فيك كيف الشكوة وحاصيلو ما تُوصل الا ما تتعلم الشطيح وقالك الرعشة متاعو مدروسة زادة بش ما تخليش المُسافرين المتغششين يكتبُو في الترينو جوابات إحتجاج ضدو قالك حقة حقة " في ترينونا ويزيدُو يسِبُونا " . اللي ما فهمتوش اذا كانت الكتابة ممنوعة علاش يشوش الترينو علي المُطالعة ؟ والقهوة اش نو ذنبها ؟ راهو لا ياقف في هذا الترينو لا كاس ولا دبوزة ولا صغير ولا عزوزة وما توصل الا وكرشك تُوجع فيك والدوخة تلعب عليك وكرهبتك تتشمت فيك "أي يه أي يه"
3. كراسي ضيقة برشة قالك على خاطر التوانسة يحبُو الضيق وبش اللي عندو كرش يشربها والي عندو ساقين طوال يقصهم وحتى بلايص القعاد ضيقة وبلايص الأدباش ضيقة شماتة في اللي يسافرو ومعاهم برشة دبش وظهر الكراسي مدرُوس بأرقونومي متاع شماتة حاصيلو ضربة ضربة للظهر بش يقصمٌو اذا هو تاعب واذ مُوش تاعب يتعبو حاصيلو كراسي آخر زمان لا راحة ولا غمضة نوم ولا تبزيعة .
السلامة تبدو مضمُونة 100 في 100 بفضل الخدمة على الاستاتيك والبلاستيك اللي دائر سائر والجوانب البلورية اللي تعمل الكيف حاصيلو ترينو صغير متاع دوليشة بين المرسي وحلق الوادي موش متاع سفرة بالحق بين تونس وعاصمة التلوث ترينو كل على بعضو حلو ولكن يبان خفيف ما يصْمُدْشي قدام أي حادث .
واذا خذيت بلاصة وراء الشيفور تلقي رُوحك في أول الترينو تتفرج من البلار على الدنيا الكل ومن غصرة لغصرة ترى الموت بعينيك كل دقيقة وما نحكيليكش على الندم وانت تقول يلعن بُو هذه العَمْلة ...وشَعْفة وتُوبْة وسَيبُوني خلي نروّح .... حاصيلو حقهم كتبو علي الكراسي الامامية خاصة بفاقدي البصر ...الخلاصة ان البلار والشفافية موش باهية على خاطر يزيدُو الخوف ويفقدو المُسافر الاحساس بالأمان اللي تعوّد عليه في الترينو القديم وقتلي كان ما يُشُوفش قدامو حتي شيء وكان مُطمان على خاطر فمة قاطرة تسُوق ويُمكن اذا صار حادث بش تحمي المسافرين.

الحاصيلو ما وصُلت لصفاقس كان ما شهدتُ ولعْبتْ عليّ الدوخة وسبت رُوحي 100 مرة على هذه العملة الكلبة وقلت لروحي " كان خذيك كريطة كان خير " وبعد ما ارتحت نهارين بشهادة طبية رجعتُ نخمم
في كراس الشروط وفي المقاييس العالمية وفي منظمة الدفاع عن المُستهلك ( اللي يلزمها تنصح المستهلك بترشيد الجلوس والتحكم في السفر ... ) ونسأل عنديش الحق بش نطلب تعويض عن الإضرار الحاصلة ؟
باللهي رجعولنا الترينوات متاع عام 80 خاطر هذا الترينينو الي عاملين عليه عيطة وشهُود كعبة لا وما يبعدش على الترام متاع عام 11 و يُمكن يُعوض ترينو الباي واكثر ما ينجم يعملوا يخدم مترو
وعلي فكرة حكيت مع البرسونال متاع الترينو هذا نلقاهم متعششين وقالولي برشة كلام ما نجمشي نعاودو على خاطر ما نعرفش صحتو وأطرف ما قالوهولي ان الترينو الجديد ما عندوش ماركة .مازالشي زادة يجيبولنا امارك مُوش معروفة قلنا ميسالش اما بلا ماركة جملة ما نجمتش انصدق بالله ثبتولي في الموضوع وفي الانتظار بالله رجعوننا مشومنا ما نحبُوش التجديد
Lire la suite ...!

2008/08/09

فاطمة بوساحة / محمود درويش / حرارة الوجيعة

عندي شُهور يا صْحَابي
لا بُوستِيتْ تصاور ولا كتبتْ في مُدَوّنتي ولا طلّيتْ عل البلوغسفار ،
الخِدْمة كلاتلي قلبي ووقتي وبش ما نكذبش عليكم قلقتْ شوية من المواضيع المَمجُوجة والإخبار البايتة ..
وكيف مات دجو غاضْنِي ورشقِتْلِي بَشْ نكتِبلو تدوينة تليق بيه على خاطر نعتبرو ، رغم تخليوض افلامو الأخيرة ، سابق عَصْرُو بَرشة وكان مع عدد من المبدعين يمثلوا بعض أمل .
ولكن للأسف يظهرلي ان اليوم نقصو" المُبدعين " الي يسِيرُوا ضد التيار ويحاولو يحطمو الأصنام ويقدمو الإبداع في زمن الثقافة المُموّلة بالبترودولارات النتنة.
فهل عجز امثال يوسف شاهين على بث عشقهم للحياة وللحرية وللجمال لجيل اليوم ؟ وهل يعني اسم يوسف شاهين أي شيء لشباب اليوم ؟
انه جيل نشأ بعيدا عن السينما والكتاب والتسامح والاختلاف ونما بين أحضان القنوات التلفزية ( رسمية ودينية وهابية وبورنوغرافية ...). انه جيل الخوف والاستهلاك ...
الحاصيلو فكرت نعمل بكية باهية ونفرغ قلبي وانحي خمجة ...ياخي ما لقيتش الوقت وتعدات الأيامات والي مات فات ...حتى توفي اليوم محمود درويش
فبحرارة الوجيعة كتبتُلو كلمة مؤثرة ثم حَليتْ مُدوّنتِي العَذرَاء منذ مدة ياخي وْقِفْ مُخِّي وقعَدْت نضحِك على نفسي خاطر نلقَي رُوحي حالِلْ جَبّانة مُوش بْلُوغْ ونُفطن بروحي قاعِد نِبكي على المُوتى مُوش نحْكِي علْ الحَيّين من مصطفى العدواني لحميدة عطية وصولا الى محمد الشرفي . ..
يُظهرلي كبرتْ ووليت نخرف ويَهزِّ فِيّ الحنين للماضي كِيف الرجْعيين ووليتْ نُغزُرْ في الرُوترُوفيزُور ونشيع في الموتي ونُقُول يَا حَسْرة.
ولان الساحة فرغت وأنا تعودت نبكي على المُوتى نخاف يجي نهار ونتحسر فيه على فاطمة بوساحة وعلى الجرائد بودورو ... كيما تو يتحسر بعض الشباب على الاستعمار البغيض ويلعن فرنسا الي عطاتنا استقلالنا وخلاتنا نعانيو في الفيزا والحرقان والمشاكل والتخلف حتي جماعة المرتنيك الي كانو ياكلو في القرط وقتلي كان خير الدين يُعبر وينظر ويحكم وزير اكبر في تونس وفي الامبراطورية العثمانية
حاصيلو نخاف نتحسر على فاطمة بوساحة
émouvant hommage de marcel khalifa à mahmoud darwih
Lire la suite ...!

2008/07/30

الصبر لله والرجوع لربي

هالقصيدة نحبها برشة
يرحم عظام الي كتب
وشكرا للي ترجمها
....الصبر لله...
Lire la suite ...!

2008/06/21

هل يعقل ان تصبح هذه العرافة "طبيبة" ؟


هذه قتلك طبيبة وتداوي بالله ومحمد واولياء الله تعفس وتمسد ومختصة في كل شيء من العقم للسرطان ومن الصفرة للسحر وهذا قالك الأستاذ فلان الفلاني طبيب روحاني يداوي بالخفيف والكارتة والقرآن جميع الامراض المستعصية وهذه دار الشفاء متاع الحاجة فلتانة حكيمة روحانية مختصة في امراض الجن والاسحار والتابعة وتلك عيادة في قلب العاصمة تعلن بتحدي خدماتها العجيبة بأشكال استفزازية تشتم منها روائح الجهل والمال السهل والشعوذة وأشياء أخرى
يتفنن بعض المُشعوذين في صياغة اعلاناتهم التي تثير لدي عدة اسئلة .
لماذا انتشرت هذه الظاهرة ؟
وهل وقع تناولها ميدانيا من قبل بعض الباحثين ؟
هل ان انتشارها دليل ضعف للسياسة الصحية الرسمية بشقيها الطبي والنفسي والعمومي والخاص ام هو امر عادي مُرتبط بالتحولات الاجتماعية ؟
كيف تفتح هذه العيادات؟ وما هي الجهة التي ترخص في بعث هذه المشاريع وبناء على أي شروط ؟
وما هي الجهة التي تراقب ما يحدث داخل هذه المحلات وما يفعله المُشعوذون وما يكتبونه في وصفاتهم من ادوية ممنوعة أو مُضرة؟
الي أي حد يُمكن السكوت عن استغلال مآسي وأزمات بعض المواطنين لابتزازهم او التحيل عليهم؟ اليس من واجب الادارة منع هذه المهن او على الأقل تنظيمها ؟ اين حماية المستهلك في هذا المجال الخارج عن القانون والذي تكثر فيه التجاوزات وعمليات التحيل والجرائم؟
وكيف يٌُسمح بنشر مثل هذه الإعلانات لما يُمكن اعتباره قطاعا مُوازيا ؟ وموازي هنا بمعني غير قانوني وليس بمعني قطاع مُتهرب من الضرائب
ما هي الجهة التي يُمكن ان تجبر هؤلاء "الزملاء" على استعمال مُصطلحات دقيقة وواضحة في إعلاناتهم حتي لا يتوهم القارئ ان الأمر يتعلق بمصحات نفسية او طبية ؟
ثم لماذا يحق لهؤلاء المُشعوذين الإشهار والحال انه ممنوع على بقية زملائهم الأطباء ؟
واذا كان بامكان هؤلاء اللجوء الى الإشهار في الصحف فهل بامكانهم استعمال الومضات الاشهارية الإذاعية والتلفزية وانشاء مواقع للشعوذة عبر الانترنات بل هل من حقهم انشاء اذاعات وتلفزات خاصة ؟
في انتظار إجاباتكم
قولوا لي هل ان هؤلاء الزملاء متعاقدون مع الكنام ام لا ؟
Lire la suite ...!

2008/06/08

من قال ان محمدا قد مات ؟


مُؤلمٌ رحيل رجل والرجال قليلون في هذا الزمن ...
مُحزن رحيل الأنبياء ( سَباقي عصرهم ) في زمن كثر فيه الأتباع والجهلاء والأغبياء
مؤلم ان ترحل الجرأة وتحطيم الأصنام في حقول الركاكة وعقلية القطيع
مُخزي أن يُغادرنا الكبار في صمتٍ وسط ضوضاء الحماقة
ومُحير ان ينسحب من مشهدنا الفكري والجامعي عمالقة دون أمل واضح في خلفاء ( من جيل الشباب ) يتبعون نهجهم ويذهبون الى ابعد مما ذهبوا..
من ذا الذي درس القانون دون مقدمته الهامة ؟ ومن ذا الذي يتابع نضج الفكر الاصلاحي التونسي والعربي دون ان يكون قد توقف عدة مرات عند كتابه الحدث "الاسلام والحرية" ... ؟
لا يعني ذلك ان الرجل وافكاره فوق النقد ...
قد يُنسَى التاريخ السياسي والرابطي لهذا الرجل ...قد ينسي رده الشهير على بعض من هاجمُوه وزيرا فرد عليهم مفكرا ومواطنا بسيطا ..الخ..
لكن إسهامه في تطوير الفكر القانوني والسياسي سيظل شامخا اعلي من جدران مدينة الثقافة التونسية (التي قد تفتتح وقد غادرنا بقية الأنبياء.. ) واقوي من رياح الطائية والتحجر .
لم اعرف الرجل شخصيا ولكني كنتُ أراه أحيانا بأحد الفضاءات التجارية بالعاصمة فتبادر ابنتي الصغيرة بالقول : ابي اصبحتُ اعرفه انه الكاتب الذي لوّنْتَ كتابه بالأصفر وأهديت منه نسخا لأصدقائك ...ابي لم لا تقل له أنك قرأت كتابه عدة مرات ؟ ...
من قال ان أمثال هذا الرجل يموتون ؟ من قال ان شرفي قد دُفن ؟

Note de lecture parue dans le N°33 Islam et liberté, le malentendu historique
http://confluences.ifrance.com/confluences/lecture/charfi.htm
Lire la suite ...!